+972 2 277 5445

Search our Site

!من لا يغادر القمقم سيسبح في بوله معتقدا أنه يسبح في مياه المحيط

"تتقاطع المعطيّات التاريخية مع الأسباب الوطنية والأثنية والعرقية والقومية في نزاعات العالم الجديد، بعد نهاية الحرب الباردة، مع مصالح النفط والغاز ومصادرهما والأنابيب الناقلة لهما، والممرات المائية للناقلات التي تحمل هذه الموارد من مصادرها إلى أسواق العالم، مع التبدّلات التي تصيب موازين القوى العالمية وتصادم الاستراتيجيات، لتتشكّل مشاهد الحروب الصغيرة الكبيرة، الممتدّة على مساحة العالم والمتركزة في مناطق تتوزّع بين أحواض البحار الخمسة، التي شكلت عنوان مشروع يحمل اسم الرئيس السوري بشار الأسد، تحت عنوان الدعوة لمنظومة إقليمية تضم الدول التي تشاطئ البحار، الأبيض المتوسط والأحمر والأسود وقزوين وعُمان وتقع مناطق القوقاز والمشرق وتركيا وإيران وروسيا والخليج في قلبها" ( ناصر قنديل – صحيفة البناء اللبنانية – 5 تشرين أول 202).

معلومات مع بعض التحليل: إشعال الصراع في أقليم ناغورني كاراباخ في الهضبة القوقازية الاستراتيجية لم يكن صدفة، بل جرى إشعال هذه الجبهة الحساسة وتوظيفها وفقا للتقاطعات الإستراتيجية لكل من أمريكا، إسرائيل وتركيا:

على المستوى التركي لتعزيز الامتداد التركي فيما تسميه محيطها الحيوي، الذي ابتدأ بتدخلها في سورية والعراق ، ثم امتد إلى قطر، ثم ليبيا بالإضافة إلى النزاع مع اليونان وقبرص وفرنسا حول ثروات الغاز في شرق المتوسط،.

أمريكيا: الوصول إلى بحر قزوين والبحر الأسود، والتموضع على أبواب موسكو وقطع الطريق على الفكرة الأوراسية التي تقوم على التنسيق ما بين الدول الوازنة في الجغرافيا الأوراسية (روسيا، إيران، تركيا)، يتقاطع هذا مع محاولاتها لحصار الصين عبر تموضعها العسكري في بحر الصين، ثم عبر تموضعها في أذربيجان لقطع الطريق على مشروع طريق الحرير الصيني نحو أوروبا، وفي ذات السياق يأتي ربط أذربيجان بالجيب الكردي في شمال العراق والتموضع على حدود إيران لمحاصرتها حتى الحد الأقصى. يضاف لذلك ربط كزاخستان بأذربيجان لتأمين سيل الغاز عبر تركيا لأوروبا لمنافسة الغاز الروسي.

أما إسرائيليا: فالهدف هو تأمين موطئ قدم في أذربيجان والقوقاز للاقتراب من إيران ومراقبتها عسكريا واستخباريا، وتعزيز امتدادها الإستراتيجي الذي يشمل مشيخات الخليج، وإفريقيا وخاصة القرن الإفريقي حيث مضيق باب المندب الإستراتيجي وجزيرتي تيران وصنافير الواقعتان في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، اللتان تنازلت عنهما مصر في 8 نيسان 2016 للسعودية.

ولكي تتوضح الاسترايجية الأمريكية أكثر، من الضروري ربط ذلك بجملة النقلات التي قامت بها وأشرفت عليها الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية؛ في سياق محاولاتها لمواجهة واستنزاف وحصار روسيا: الحرب بين جورجيا وروسيا عام 2008 والتي استمرت 5 أيام، والتي وجهت موسكو من خلالها رسالة حاسمة بسيطرة القوات الروسية على أوسيتيا ذات الأغلبية الروسية، ثم جاء إشعال ما سمي ب"الثورة البرتقالية الملونة" في أوكرانيا بين عامي 2004 - 2005 وقيام نظام موال لأمريكا والغرب، والتلويح بضمها لحلف الناتو، فردت روسيا أيضا بحسم من خلال استعادتها لجزيرة القرم عام 2014. تأجيج وتشجيع المعارضة في بيلاروسيا في محاولة لإسقاط نظام لوكاشينكو وفرض حكومة موالية للغرب، وفي السياق تموضع الصواريخ الأمريكية في بولندا على حدود روسيا. بالإضافة لقرار فرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع غاز السيل الشمالي الروسي. وقبلها كان تفكيك يوغسلافيا التي كانت ضمن المجال الإستراتيجي الروسي.

في هذا السياق يأتي تأجيج الصراع الأذري الأرميني بهدف نقل مسرح عمليات الناتو إلى القوقاز، الذي يلخص الكاتب محمد صادق الحسيني أهدافه بما يلي:

1- تحويل القوقاز إلى جسر عبور لقوات الناتو من البحر الأسود الى بحر الخزر لإعاقة دفاعات القوات الروسية عبر نهر الفولغا (خط الدفاع الأول في صدّ أيّ حرب عالمية).

2- محاولة ربط أربيل المتحالفة مع تل أبيب بباكو المتحالفة هي الأخرى مع الكيان الصهيوني عبر الحاضنة التركية لوضع إيران (شمال غرب) في وضع قوس او هلال يُطبق على إيران.

3- حماية خطوط نقل الغاز الأذربيجانية والطرق السريعة التي تنطلق من باكو عبر جورجيا وصولاً الى تركيا.ليست هي المرة الأولى، التي تحاول فيها قوى الاستعمار الغربية السيطرة على منطقة القوقاز، لأسباب استراتيجية واقتصادية، بسبب امتلاكها كميات كبيرة من النفط، مضافاً اليها الغاز في القرن الحالي، ففي اربعينيات القرن الماضي

وقّع زعيم الرايخ الثالث، ادولف هتلر، أمراً عسكرياً، بشنّ حملة عسكرية لاحتلال منطقة القوقاز كاملة، وذلك بتاريخ 28 حزيران 1942 أسماها: الحملة الزرقاء او المهمة الزرقاء Unternehmen Blau بلغة هتلر الالمانية.

وقد جرّد هتلر لهذه الحملة القوات التالية:

– مليون جندي ألماني.

– ألف ومائتين وثلاثة وستين دبابة.

– سبعة عشر ألفاً وخمسة وثلاثين مدفع ميدان.

– ألف وستمائة وأربعين قاذفة قنابل ومقاتلة اعتراضية.

لكن كلّ هذه القوات عجزت عن تحقيق ايّ تقدم، في المعركة التي استمرت من28 حزيران 1942 وانتهت بتاريخ 19 تشرين ثاني 1942، عندما نجحت الجيوش السوفياتية بتدمير كلّ القوات المُشار إليها أعلاه وفرض الحصار الشامل على الجيش السادس الألماني، في منطقة ستالينغراد، ذلك الحصار الذي انتهى بتدمير الجيش الألماني السادس (بقيادة مارشال الدبابات الالماني باولوس) وإبادته بالكامل وتحرير منطقة ستالينغراد "( البناء اللبنانية – 5 تشرين أول 2020).

غير أن ما يدعو إلى التوقف والتأمل في سياق هذه الحقائق هي المفارقات اللافتة التي ظهرت في هذا الصراع المحتدم في القوقاز.

فإيران المتهمة ببناء هلال شيعي أو أكثر والتي ترتبط بالانتماء للمذهب الشيعي مع أكثر من 85% من الآذريين، فيما ينتسب 20% من الإيرانيين للعرق الآذري الذي يشكل القومية الثانية بعد الفارسية بين مكوّنات الشعب الإيراني، تجد نفسها أقرب لأرمينيا المسيحيّة، بينما تركيا التي تخوض معركة زعامة سنة العالم الإسلامي تجد نفسها مع أذربيجان الشيعية ( ناصر قنديل – البناء اللبنانية – 5 تشرين أول 2020). أما المفارقة الثانية فنجدها في مواقف إسرائيل وأمريكا اللتان تصبان الزيت على نار الاحتراب الطائفي السني – الشيعي في عالمنا العربي كما جرى في الحرب على سورية والعراق واليمن، وصولا إلى إقامة حلف معلن من عربان الخليج وإسرائيل وغيرهم ضد إيران الشيعية، نجدهما تدعمان إذربيجان الشيعية في مواجهة أرمينيا المسيحية (بالمناسبة المرشد الأعلى في إيران الإمام علي خامنئي هو من أصول أذرية، فجده هو حسين الخامنئي كان من علماء آذربيجان المقيمين في النجف).

والآن، هل يكفي هذا لكي يفهم ويدرك "القطيع" المندفع وراء أمريكا وإسرائيل أن تموضع الدول في السياسات والحروب، لا يحدث اعتباطا وإنما وفقاً للاستراتيجيات العليا والمصالح الكبرى للدول، فيما الشعارات القومية والمذهبية والطائفية التي ترفعها الدول الاستعمارية ليست إلا مجرد الغطاء أو الذريعة لتمرير مشاريع الهيمنة والتقسيم والاستنزاف والتدمير؟.

ومن باب التذكير فإن ذات المفارقات حدثت بالضبط في ستينيات القرن الماضي، عندما قامت ثورة 26 سبتمبر في اليمن عام 1962 ، التي قادها السني اليمني المشير عبد الله السلال ضد نظام الإمامة، فتدخلت السعودية مدعومة من بريطانيا وإسرائيل ثم استنجدت بشاه إيران الشيعية لدعم نظام الإمامة المدعوم آنذاك من الحوثيين، لمواجهة الثورة اليمنية التي وقف إلى جانبها جمال عبد الناصر زعيم أكبر دولة عربية سنية وأرسل 70 ألف جندي مصري وكانت نتيجة تلك الحرب التي استمرت 8 سنوات (1962- 1970) هزيمة السعودية وحلفائها وانتصار ثورة السلال وقيام النظام الجمهوري في اليمن.

فهل تحتاج هذه المفارقات إلى عبقرية وذكاء، لوعي ما وراءها من سياسات وأهداف ومشاريع!؟.

أو ليتفضل جهابذة التنظير والتحشيد الطائفي ليفسروها ويشرحوها لنا.


الاراء الواردة في المواد المنشورة على صفحه مركز المعلومات البديله- فلسطين تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المؤسسه.
The opinions expressed in the articles published on the Alternative Information Center – Palestine web sites and social media, express the opinion of its author and do not necessarily express the opinion of the institution

موقعنا

أهلاً وسهلا بكم

إتصل الآن
مركز المعلومات البديلة
111 الشارع الرئيس - سوق الشعل
بيت ساحور - بيت لحم
فلسطين
+972 2 277 5445